قدم باحثون حلا سريعا وفعالا لمشكلة الأرق التي تعد مصدر إزعاج لنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 30% من البالغين الأكبرسنا، دون الحاجة إلى عقاقير، بل وحتى دون الحاجة إلى استشارة طبيب.
وقد أظهر فريق جامعة بيتسبرغ، بعدما اختبر طريقته الخاصة على 79 من كبار السن المصابين بالأرق المزمن (متوسط عمرهم 72 عاما)، نتائج مبشرة للغاية في هذا الصدد. وقد تطلب العلاج فقط الخضوع لجلستين توضيحيتين (الأولى مدتها من 45 دقيقة إلى ساعة، والثانية مدتها نحو نصف ساعة) بصحبة ممرضة ممارسة، إلى جانب مكالمتين هاتفيتين قصيرتين للمتابعة، وذلك لمدة شهر. التخلص من الأرق
* وبعدها أورد الباحثون أخيرا تقارير في دورية «أرشيفات الطب الباطني» تفيد بأن ثلثي المرضى الذين خضعوا لهذا الأسلوب العلاجي قد حدث لديهم تحسن ملحوظ في القدرة على النوم، مقارنة بنسبة 25% من هؤلاء الذين يدخلون ضمن مجموعة مراقبة.
وقد أخبرني كاتب التقرير الرئيسي الدكتور دانيال بايس، أستاذ الطب النفسي وإخصائي النوم، في مقابلة أجريتها معه قائلا: «لقد تحسن وقت نومهم إجمالا». وبالفعل فإن 55% من أولئك الذين اتبعوا هذا الأسلوب العلاجي لم يعودوا يعانون من الأرق على الإطلاق. وبعد ستة أشهر ثبت أن ثلاثة أرباع هؤلاء الذين تم وضعهم تحت الاختبار قد ظلت أنماط النوم على النحو الأفضل أو تحسنت بدرجة أعلى.
أسلوب علاجي
* والسؤال هو: ماذا كان هذا الأسلوب العلاجي الساحر غير المعتمد على العقاقير؟ هذا هو الجزء المثير. كان العلاج عبارة عن «تدخل علاجي سلوكي مختصر» (brief behavioral treatment intervention)، والذي عرف بأنه علاج فعال مضاد للأرق، وذلك كما أظهرت أبحاث عدة استمرت لما يزيد على 30 عاما.
إنه تغيير في السلوك، وليس في العادات الغذائية، والتركيز على الاختصار. ويشرح الدكتور بايس قائلا: «إذا كان المراد أن ينتشر العلاج السلوكي على نطاق واسع فيجب أن يكون بسيطا وسريعا ويحقق نتائج ملموسة». ويضيف قائلا: «إذا لم يشهد المعانون تحسنا ملحوظا خلال شهر أو نحو ذلك، فسيقل حماسهم للاستمرار في العلاج»، الأمر الذي عادة ما يحدث مع أشكال العلاج السلوكي التي يقدمها الأطباء النفسيون الإكلينيكيون، والتي تتضمن في العموم الخضوع لجلسات يتراوح عددها ما بين ست إلى ثماني جلسات.
علاج بلا أدوية
* إذن لمَ لا يشاع وصف هذا الأسلوب العلاجي لمرضى الأرق؟ قد تتمثل الإجابة عن هذا السؤال في فرضية الدكتور بايس التالية: «أعتقد أن أكبر المعوقات تتمثل في اعتقاد الناس أن أشكال التدخل العلاجي معقدة ومكلفة. لهذا فقد حاولت عن جد تلخيص أساليب وطرق العلاج المثبت صحتها في أبسط صورة ممكنة».
إننا سنحتاج إلى اختبار هذه الطريقة العلاجية على نطاق أوسع، فضلا عن أن الممرضين وغيرهم من المتخصصين، سيكونون بحاجة إلى تدريب كي يكونوا قادرين على مد يد العون للمرضى في التعرف على كيفية استخدام هذا الأسلوب العلاجي، ولكن ليست هناك حاجة للكثير من التدريب. ويرى الدكتور بايس أنه يمكن إعداد مجموعات من المدربين من خلال برنامج مدته ثماني ساعات.
قواعد بسيطة
لذلك فإن الباحثين قد لخصوا تلك المبادئ في أربع قواعد بسيطة، والتي أتت مع كتاب تمارين ودفتر تسجيل يومي لأنماط النوم لمساعدة المرضى في اتباع تلك القواعد، كما قاموا بتدريب ممرضة ممارسة لشرح النظام والفسيولوجيا الكامنة وراءه.
يمكن أن يكون للأرق، كغيره من اضطرابات النوم الأخرى، أثر خطير على صحة كبار السن. ويرتبط الأرق بالاكتئاب والإصابات والكسور، وترتفع معدلات الوفاة بين المصابين به، فضلا عن أنه يزداد انتشارا مع تقدم العمر. لذلك يتعامل الأطباء مع الأرق بجدية ويصفون أنواعا من العلاج لمساعدة المرضى في النوم، غير أن العقاقير المنومة يمكن في حد ذاتها أن تسبب مشكلات. فبالنسبة للمرضى الأكبر سنا، يمكن أن تتسبب الأدوية المنومة في إصابتهم بالنعاس أثناء النهار، كما يمكن أن تضعف الذاكرة لديهم، إلى جانب أنها مرتبطة أيضا بالإصابة بحالات الإغماء. وقد خلصت مراجعة أجريت على 24 دراسة حول تأثير هذه «المنومات» على كبار السن الذين يعانون من الأرق، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية في عام 2005، إلى أنه في الوقت الذي تساعد فيه هذه العقاقير في تحسين أنماط النوم، فقد كانت لها آثار طفيفة، فضلا عن أنها تنطوي على مخاطر جسيمة. وكتب باحثون: «في حالة الأفراد الأكبر من 60 عاما، قد لا تعادل فوائد هذه العقاقير الاحتمالات المتزايدة للتعرض لمخاطر في حالة تناولها».
لذلك فسيكون التدخل العلاجي غير المعتمد على العقاقير بمثابة هدية عظيمة لمرضى الأرق كبار السن وأيضا للمسؤولين عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم. وكتب توماس سي نيلان، الطبيب النفسي بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، في تعليق مصاحب لهذه الدراسة: «في ظل نظام رعاية صحية مثالي، للفرد أن يتوقع أن يحظى العلاج السلوكي للأرق بانتشار واسع نظرا لوجود بيانات تظهر مدى فاعليته في العلاج»، ناهيك بحجم الادخار في النفقات الذي سينتج عن تقليل استخدام العقاقير وتفادي الآثار الجانبية والإصابات المترتبة عليها بالتبعية.
نصائح النوم
* الفكرة الأساسية تكمن في الالتزام ببرنامج يهدف إلى زيادة «كفاءة النوم» إلى أقصى درجة ممكنة، الوقت الذي تمضيه في فراشك مستغرقا في النوم، بدلا من مجرد الحلم بالاستغراق في سبات عميق. ويقوم ذلك على أربع قواعد: قلل الوقت الذي تمضيه في الفراش. استيقظ في نفس الوقت يوميا. لا تأوِ إلى الفراش إلا عندما تشعر بالنعاس. لا تمكث في الفراش إذا لم تنم.
وتستخدم الممرضة التي تقدم التوجيهات للمرضى في هذا الأسلوب العلاجي رسوما توضيحية وأمثلة تصف الفسيولوجيا التي يقوم عليها هذا العلاج، وتقدم تحذيرات من احتمالية أن يشعر المرضى بالإجهاد وأن يصابوا بالأرق خلال الأسابيع القليلة الأولى من بدء الخضوع للعلاج، غير أنهم سرعان ما يدخلون في حالة من النوم المريح الأكثر عمقا. لا يزال هذا كل ما يمكن قوله، ليس بالكثير. وفي هذه الدراسة تضمنت ثلاثة كتيبات تم منحها لمجموعة المراقبة كثيرا من المعلومات نفسها، إلا أن مجرد القراءة عن عادات النوم الأفضل لا تفي بالغرض.
وعلى الرغم من الوضوح الذي قد تبدو عليه استراتيجية العلاج المتبعة، أشار الدكتور بايس قائلا: «الحقيقة هي أن الناس ينجذبون إلى السلوك العكسي تماما. فمن الشائع أن تجد البالغين الأكبر سنا يمضون من 10 ساعات إلى 15 ساعة في الفراش كي يحظوا فقط بخمس ساعات من النوم. إن الأمر محبط للغاية». غير أنه من المحبط أيضا التفكير في أن حلا يحتمل أن يكون آمنا وفعالا لمشكلة صحية واسعة الانتشار، قد يعجز مجددا عن أن يخرج للنور من مجلة أكاديمية إلى مكاتب الأطباء وغرف نوم المرضى. ربما يحتاج إلى اسم أكثر لفتا للأنظار من «تدخل علاجي سلوكي مختصر»، شيء يجمع بين «نظام تأمين صحي» و«خفض التكاليف».
* والسؤال هو: ماذا كان هذا الأسلوب العلاجي الساحر غير المعتمد على العقاقير؟ هذا هو الجزء المثير. كان العلاج عبارة عن «تدخل علاجي سلوكي مختصر» (brief behavioral treatment intervention)، والذي عرف بأنه علاج فعال مضاد للأرق، وذلك كما أظهرت أبحاث عدة استمرت لما يزيد على 30 عاما.
إنه تغيير في السلوك، وليس في العادات الغذائية، والتركيز على الاختصار. ويشرح الدكتور بايس قائلا: «إذا كان المراد أن ينتشر العلاج السلوكي على نطاق واسع فيجب أن يكون بسيطا وسريعا ويحقق نتائج ملموسة». ويضيف قائلا: «إذا لم يشهد المعانون تحسنا ملحوظا خلال شهر أو نحو ذلك، فسيقل حماسهم للاستمرار في العلاج»، الأمر الذي عادة ما يحدث مع أشكال العلاج السلوكي التي يقدمها الأطباء النفسيون الإكلينيكيون، والتي تتضمن في العموم الخضوع لجلسات يتراوح عددها ما بين ست إلى ثماني جلسات.
علاج بلا أدوية
* إذن لمَ لا يشاع وصف هذا الأسلوب العلاجي لمرضى الأرق؟ قد تتمثل الإجابة عن هذا السؤال في فرضية الدكتور بايس التالية: «أعتقد أن أكبر المعوقات تتمثل في اعتقاد الناس أن أشكال التدخل العلاجي معقدة ومكلفة. لهذا فقد حاولت عن جد تلخيص أساليب وطرق العلاج المثبت صحتها في أبسط صورة ممكنة».
إننا سنحتاج إلى اختبار هذه الطريقة العلاجية على نطاق أوسع، فضلا عن أن الممرضين وغيرهم من المتخصصين، سيكونون بحاجة إلى تدريب كي يكونوا قادرين على مد يد العون للمرضى في التعرف على كيفية استخدام هذا الأسلوب العلاجي، ولكن ليست هناك حاجة للكثير من التدريب. ويرى الدكتور بايس أنه يمكن إعداد مجموعات من المدربين من خلال برنامج مدته ثماني ساعات.
قواعد بسيطة
لذلك فإن الباحثين قد لخصوا تلك المبادئ في أربع قواعد بسيطة، والتي أتت مع كتاب تمارين ودفتر تسجيل يومي لأنماط النوم لمساعدة المرضى في اتباع تلك القواعد، كما قاموا بتدريب ممرضة ممارسة لشرح النظام والفسيولوجيا الكامنة وراءه.
يمكن أن يكون للأرق، كغيره من اضطرابات النوم الأخرى، أثر خطير على صحة كبار السن. ويرتبط الأرق بالاكتئاب والإصابات والكسور، وترتفع معدلات الوفاة بين المصابين به، فضلا عن أنه يزداد انتشارا مع تقدم العمر. لذلك يتعامل الأطباء مع الأرق بجدية ويصفون أنواعا من العلاج لمساعدة المرضى في النوم، غير أن العقاقير المنومة يمكن في حد ذاتها أن تسبب مشكلات. فبالنسبة للمرضى الأكبر سنا، يمكن أن تتسبب الأدوية المنومة في إصابتهم بالنعاس أثناء النهار، كما يمكن أن تضعف الذاكرة لديهم، إلى جانب أنها مرتبطة أيضا بالإصابة بحالات الإغماء. وقد خلصت مراجعة أجريت على 24 دراسة حول تأثير هذه «المنومات» على كبار السن الذين يعانون من الأرق، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية في عام 2005، إلى أنه في الوقت الذي تساعد فيه هذه العقاقير في تحسين أنماط النوم، فقد كانت لها آثار طفيفة، فضلا عن أنها تنطوي على مخاطر جسيمة. وكتب باحثون: «في حالة الأفراد الأكبر من 60 عاما، قد لا تعادل فوائد هذه العقاقير الاحتمالات المتزايدة للتعرض لمخاطر في حالة تناولها».
لذلك فسيكون التدخل العلاجي غير المعتمد على العقاقير بمثابة هدية عظيمة لمرضى الأرق كبار السن وأيضا للمسؤولين عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم. وكتب توماس سي نيلان، الطبيب النفسي بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، في تعليق مصاحب لهذه الدراسة: «في ظل نظام رعاية صحية مثالي، للفرد أن يتوقع أن يحظى العلاج السلوكي للأرق بانتشار واسع نظرا لوجود بيانات تظهر مدى فاعليته في العلاج»، ناهيك بحجم الادخار في النفقات الذي سينتج عن تقليل استخدام العقاقير وتفادي الآثار الجانبية والإصابات المترتبة عليها بالتبعية.
نصائح النوم
* الفكرة الأساسية تكمن في الالتزام ببرنامج يهدف إلى زيادة «كفاءة النوم» إلى أقصى درجة ممكنة، الوقت الذي تمضيه في فراشك مستغرقا في النوم، بدلا من مجرد الحلم بالاستغراق في سبات عميق. ويقوم ذلك على أربع قواعد: قلل الوقت الذي تمضيه في الفراش. استيقظ في نفس الوقت يوميا. لا تأوِ إلى الفراش إلا عندما تشعر بالنعاس. لا تمكث في الفراش إذا لم تنم.
وتستخدم الممرضة التي تقدم التوجيهات للمرضى في هذا الأسلوب العلاجي رسوما توضيحية وأمثلة تصف الفسيولوجيا التي يقوم عليها هذا العلاج، وتقدم تحذيرات من احتمالية أن يشعر المرضى بالإجهاد وأن يصابوا بالأرق خلال الأسابيع القليلة الأولى من بدء الخضوع للعلاج، غير أنهم سرعان ما يدخلون في حالة من النوم المريح الأكثر عمقا. لا يزال هذا كل ما يمكن قوله، ليس بالكثير. وفي هذه الدراسة تضمنت ثلاثة كتيبات تم منحها لمجموعة المراقبة كثيرا من المعلومات نفسها، إلا أن مجرد القراءة عن عادات النوم الأفضل لا تفي بالغرض.
وعلى الرغم من الوضوح الذي قد تبدو عليه استراتيجية العلاج المتبعة، أشار الدكتور بايس قائلا: «الحقيقة هي أن الناس ينجذبون إلى السلوك العكسي تماما. فمن الشائع أن تجد البالغين الأكبر سنا يمضون من 10 ساعات إلى 15 ساعة في الفراش كي يحظوا فقط بخمس ساعات من النوم. إن الأمر محبط للغاية». غير أنه من المحبط أيضا التفكير في أن حلا يحتمل أن يكون آمنا وفعالا لمشكلة صحية واسعة الانتشار، قد يعجز مجددا عن أن يخرج للنور من مجلة أكاديمية إلى مكاتب الأطباء وغرف نوم المرضى. ربما يحتاج إلى اسم أكثر لفتا للأنظار من «تدخل علاجي سلوكي مختصر»، شيء يجمع بين «نظام تأمين صحي» و«خفض التكاليف».
نيويورك: بولا سبان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق