|
الإقناع أمر صعب لا يقدر عليه كثيرون ، فالجدل أمر طبيعي ولكن الإقناع مهارة تجعلك تكسبين كل المعارك الخاصة باختلاف وجهات النظر وحتى إذا لم يتفق معكِ الآخرون ، ويشير الخبراء إلى أن كلماتك ومنطقك هما سلاحك الذي يجب على الجميع استخدامه بمهارة.
ولكسب النقاش وإثبات رأيك إن كنت على حق ، ينصحك الخبراء بضرورة اتباع النصائح التالية
* أول شيء يجب أن تفعليه هو أن تستمعي جيدا لما يقوله الآخر، وخذي ملاحظات عقلية لما يتقاطع مع ما قلته، ثم عبّري بوضوح عن اتفاقك معه.
* انتظري بصبر قدر الإمكان حتى ينتهي الآخر من حديثه، لو كان يصرخ أو يتحدث بصوت مرتفع لا تردي عليه بالأسلوب ذاته تحت أي ظرف، ولا تطلبي منه أن يهدأ، عندما تتحدثين أخفضي صوتك قليلا وسيفعل هو الشيء نفسه في المقابل، ولو كان ينصت فعلا سيتوقف وينتبه.
* عندما يأتي دورك في الحديث قولي ما تريدين بعد أن تتأكدي أنه يسمعك وينصت الى ما تقولين وبعدها أنهي حديثك ولا تعيديه حتى لو طلب منك ذلك، وقولي إنك تتفهمين شعوره وتأخذين الأمر بجدية. لكن هذا لا يعني أن تصمتي تماما بل لا تعيدي طرح وجهة نظرك مرة أخرى. إذا كان لابد أن تستمري في المحادثة دعيه يتكلم ثم قولي حسنا. في الوقت الملائم أنهي الحديث بملاحظة إيجابية ثم غادري.
* لو دار بينك وبين زميلك أو مديرك في العمل جدل اختلفتما فيه في الرأي، في نهاية اليوم ودّعيه بكلمة لطيفة ونغمة صوت عادية غير غاضبة.
أن تعملي في وسط عدائي أصعب من أن تتظاهري باللطف. إضافة الى ذلك فإن سلوكك هذا يجعل من السهل عليك في اليوم التالي الذهاب الى العمل بمزاج أفضل.
* أهم نقطة هي أنك يجب أن تتدربي على عدم التبرع بفتح النقاش، وأن تدركي أنه مهما طالت فترة النقاش فإنك لن تقنعي الآخرين بأنهم على خطأ. النقاشات لا تؤدي إلى ذلك غالبا إلا إذا كانت عقلانية ومعتدلة، لكن في الحالات الأخرى تزداد الحدة والتطرف في الرأي.
* تخلصي من أي عواطف حول الموضوع الذي تناقشينه أولا. فكثير من الأحيان ونحن في ذروة الحوار يتغلب القلب على العقل. ارجعي خطوة الى الوراء وفكري في الموضوع بشكل مجرد وعقلي.
* رتبي الموضوعات ونقاط الخلاف في رأسك أولا، وسواء كنت في موضع الهجوم أو الدفاع فإن ذلك يجعلك تبقين النقاش في مساره، ويعطيك الوقت للسيطرة على الحوار وإدارته.
* دعّمي كلامك المنطقي بحقائق، ليس المطلوب منك بالطبع إحضار كتاب يؤيد رأيك له حتى يقرأه، لكن افعلي ما في وسعك لإرجاع ما تقولينه لمصدر ما. هذا يعطي ما تقولينه ضمانة للفوز بالنقاش.
* اعترفي لنفسك عندما تخطئين وحاولي سد هذه الثغرة بشكل منطقي. في بعض الأحيان، حتى إن كان النقاش يستند إلى المنطق فإنه يصل الى نهاية مسدودة، رغم ذلك إن كنت تمسكين بزمام الحوار وتثبتين باستمرار أنك على حق فإنك ستفوزين بالنقاش، وستصبح لك سمعة بأنك تفوزين بالنقاشات باستخدام المنطق.
* دائما قولي نقاطك بنبرة إيجابية ولا تستخدمي عبارات فيها اتهام مثل «أنت دائما تقول ذلك»، أو «أنا أكره عندما تفعل ذلك». استخدميها فقط عندما تتحدثين عن موقف سيئ فعلا.
* سوف تتعلمين السيطرة على الحوار عندما تتعلمين السيطرة على نفسك.
ويؤكد الخبراء أن كل هذه العلاقات تتعرض لإشكالية كبيرة بسبب عدم وجود فن الإنصات الذي هو أهم ركائز الحوار.
تفكير الجنسين
يشير د. بدر الشيباني، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الكويت بحسب جريدة "القبس" إلى أن القدرة على الإقناع ليست خاصة بجنس دون الآخر، لكن كلا الجنسين يدخل النقاش بمنظور مختلف :
- المرأة تركز على العموميات والخيال، لكن الرجل يركز على الواقع نتيجة ملامسته له بشكل يومي أكثر منها. اما بالنسبة لموضوعات النقاش فإنها غالبا ما تدور بين الرجال حول الشأن العام كأمور السياسة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية.
أما المرأة فموضوعات جدلها تتعلق بواقعها اليومي والحياتي وبالنواحي الذاتية والجمالية والموضوعات الأسرية. كان هناك خطأ عند السابقين في الاعتقاد أن المرأة تخاطب الجانب العاطفي عند الرجل أثناء النقاش والرجل يخاطب العقل، لكن في الوقت الحاضر أصبحت تساهم مساهمة كبيرة في الجانب العقلي بمعنى أن جدلها أصبح عاطفيا عقليا والرجل جدله عقلي واقعي.
يختلف الرجل والمرأة في تأثير نتيجة النقاش وخسارته عليهما، فالمرأة يترك ذلك عندها ضغينة لا تنساها، وربما تعود لافتعال نقاش تنتصر فيه انتقاما لخسارتها في الجدل السابق، بينما قد يشعر الرجل بضغينة وقتية لكنه ينسى مع الزمن، ولا يترك الأمر عنده أي شوائب نفسية.
فن التحاور
ولكن يبقي السؤال هل نجيد فن الحوار والنقاش في المجتمعات الشرقية أو العربية ،
يقول د. علي الزعبي-أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت : العالم العربي يعاني من هذه المسألة فهو لا يجيد فن الحوار وكيفية إدارته وكيفية التعايش مع الرأي الآخر، ولا أقول قبوله، فالتعايش يعني أن تؤمن بأن من حق الطرف الآخر أن يبدي رأيه بكل حرية وأمان وطمأنينة.
الثقافة العربية تؤمن بأنك معي أو ضدي وهذه ثنائية غبية، فنحن نعيش في عصر جديد تتلاقح فيه الأفكار وتنتقل من مكان إلى آخر بسرعة البرق.
لذلك يفترض ان تكون أولويتنا الرئيسية هي كيفية زرع مبدأ الحوار مع الآخر مهما كان مختلفا. نحن لا نعلم أطفالنا كيفية الحوار وأن هناك رأيا ورأيا آخر، وبالتالي نسق للتنشئة الاجتماعية وهناك نسق تربوي ونسق قيمي، كلها تدفع باتجاه الأخذ بالرأي الواحد والتشبث به والدفاع عنه والموت من أجله.
لذلك فشلت الأسرة والمدرسة والمجتمع في خلق الإنسان المعاصر الذي بإمكانه التحاور مع الآخرين بكل أريحية ومن دون خوف أو شعور بالإهانة إذا لم يدافع عن رأيه ويستميت من أجله. مشكلة الثقافة العربية أنها لا تفرق بين ذات الإنسان ورأيه وتعتقد خطأ أن أي مساس بالرأي هو مساس بالذات.
في هذه الثقافة الصوت العالي هو المسموع وله هيبة وتقدير وليس الصوت المنطقي الهادئ البعيد عن التشنج. نحن نعشق أصحاب الأصوات العالية ونراهم رموزا ونمجدهم ومنهم على سبيل المثال الرؤساء العرب الثوريون.
يجب أن نتعلم فن الإنصات لا الاستماع لأن الإنصات يعني إدراك ما يحمله الصوت ومعانيه ومنطقه وأبعاده، وللأسف نحن لسنا جيدين في هذه العملية، وبالتالي لا نستطيع فهم وجهة نظر الآخر حتى نتجادل معه أو نختلف. أروع الأشياء ضاعت ومنها الحب وسط غياب لغة الحوار والإنصات وفي كل المجالات مثل العلاقات الإنسانية وعلاقات العمل والصداقة والرأي والفكر
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق